هل أصبح اختلاف الوعي مصدر للتوتر؟
Aug 01, 2023من مسببات التوتر في الزمن الحالي، فقدان الإنسجام مع البيئة المحيطة
في السابق كان جميع أفراد الأسرة يعيشون بطريقة منسجمة، لديهم نفس الأفكار، ونفس المعتقدات، ونفس المفاهيم عن المال، والحب، والزواج، والحياة، والعمل .. يعيشون على موجة متقاربة.
أما في الوقت الحالي نجد أن الفروقات بين أفراد الأسرة من ناحية المفاهيم، والأفكار والمشاعر، والمعتقدات متباينة جداً.. فهناك السلبي وهناك الإيجابي ..هناك الواعي وهناك الغير واعي .. مما يجعل أفراد الأسرة يفقدون حس الانسجام والأمان فيما بينهم ..فيبدأ كل شخص منهم بصنع عالمه الخاص الذي ينسجم معه.
من أكبر المعيقات التى يواجهها أفراد الأسرة في الوطن العربي من هذه الناحية، هي العجز عن الاستقرار التام والإنتقال للعيش في مسكن يؤمن له مستوى الإنسجام الذي يحتاجه مدة 24 ساعة .. وذلك بسبب التقاليد والأعراف، التي تمنع البنت وكذلك الولد قبل الزواج من الاستقرار في مسكن منفصل عن منزل العائلة، وكذلك العائق المادي فيما إذا أراد الشخص أن يستقل كلياً ولمدة طويلة.
فتجد أن الفرد يصنع عالمه الخاص في غرفته، إن توفرت له غرفة خاصة في المنزل، فهذه بحد ذاتها ستكون نعمة. في غرفته الخاصة سوف يكون هو المتحكم ما الأخبار التى يريد أن يسمعها، ما المواضيع التى يريد أن يتعلم عنها، ما الأجواء التى يريد أن يعيشها، سواء أجواء مكانية كالترتيب والتنظيم والديكور والإضاءة والروائح العطرية، وكذلك الأجواء النفسية .. من التعبير عن نفسه وأفكاره والإختلاء بذاته .. وعيش روحانياته أو قراءة كتبه.
ولكن يبقى هذا العالم محدود .. فمجرد الخروج من الغرفة ومرورا بغرفة المعيشة سيتعرض الفرد لمختلف المشاعر والسلوكيات التى لا تنسجم معه: كالحديث السلبي أو التمسك بمعتقدات معيقة عند طرح أي نقاش أو التخلي عن المسؤولية أو الشكوى والتذمر أو القنوات الإخبارية ومشاهد الدراما التلفزيونية التى لاتغني ولا تسمن من جوع.
من أسوء الأمور أن تجعل نفسك عرضة لها هي الطاقات السلبية .. المؤذية .. والجارحة .. والمعتدية ... والأكثر سوء هو العيش مع شخص نرجسي في نفس المسكن. تأتيني العديد من الحالات التى تعاني فيها العميلة من عدم الشعور بالأمان في منزل الأهل أو عدم العيش في بهجة أو عدم الإحساس بالقدرة والطاقة على تحقيق الأهداف والإستقراء النفسي.
وأيضا نجد أن هذا التباين الطاقي أصبح بين الزوجين، إذا دخل أحدهما الوعي والتطوير الذاتي فيجد نفسه عالق في علاقة ومسكن مع زوج لم يعد ينسجم مع نسخته الجديدة الواعية التى بدأت ترفض السلبية والاستغلال والاعتداء والتضحية ..
ويبقى السؤال: إلى متى وأنا عرضة للطاقات السلبية .. في مسكني!؟
الكون في حالة إتساع .. وكل شيء يزداد ويتضاعف؛ كل شيء في الكون من دون استثناء ..
وفي القرآن الكريم: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} [الذاريات : 47]
هذا الاتساع يشمل وعي الانسان وإدراكه ومنظوره نحو ذاته والآخرين وكل شيء من حوله .. لذلك عندما يتسع وعيك ويتغير منظورك هذا الاتساع غير عكسي؛ بمعنى مجرد أن تتغير قناعاتك أو تكتسب وجهات نظر جديدة فلا يمكن أن تنساها أو تتجاهلها لأنها أصبحت جزء منك وأنت أصبحت شخص مختلف عما كنت عليه في السابق .
هذا الوعي والإتساع الذي حدث لك في الداخل (معتقدات - أفكار - مشاعر - نمو روحي) سيتزامن مع إتساع وتغيير ونمو خارجي .. فلا تعد البيئة التى أنت فيها كافية لك ولا تعد تشعر بالإنتماء إليها .. ويحتاج هذا الأمر إلى فترة من الانسجام والتأقلم .. إلى أن تجد طريقة لتكيّف فيها ذاتك الجديدة مع بيئتك القديمة .. تعطل تغير المكان والبيئة هو الذي يسبب لك شيء من التنافر وعدم الإرتياح .. ولكن حيث أن التغيرات تحدث بالتدريج:
- تغير في الداخل ثم تغير بسيط في الخارج (مثلا: علاقات)
- ثم تغير جديد في الداخل يتبعه تغير جديد في الخارج (مثلا: عمل)
- ثم تغير ثالث في الداخل يتبعه تغير ثالث في الخارج (مثلا: مسكن)
وهكذا إلى أن تنتقل كلك داخلياً وخارجياً الى مستوى جديد من الوعي والنمو الروحي والانسجام التام بين الداخل والخارج.
وحيث أن من حولك لم يتغير منظورهم ولم تتسع أرواحهم بمقدار إتساع روحك، فلا يستطيعون أن يدركوا ما حل بك، وقد لا يلاحظوا هذا التغيير الذي أنت عليه.. أيضا، ولا يمكن لك أن تُرييهم ما تراه أو تقنعهم في ما تكَشّف لك..
إذا لامسك هذا المقال وترغبي في الحصول على جلسة خاصة معي، فيمكنك التعرف على برامج الكوتشنج التى أقدمها من هنا ومن ثم يمكنك حجز جلسة تهيئة وتعارف لأتعرف عليك وعلى أهدافك بشكل أكبر
مريم الخواجه
كوتش لقيادة الذات الحقيقية